عدد الرسائل : 122 العمر : 40 العمل/الترفيه : موظف في شركة خاصة مجد : http://jamal.my-goo.com تاريخ التسجيل : 03/06/2008
موضوع: وقفة مع تاريخ مملكة ماري الثلاثاء يونيو 03, 2008 5:16 am
تبعد مدينة ماري عن مدينة دير الزور 127 كم mوعن مدينة دمشق 572 كم
يقع هذا التل على بعد 10كم شمال غرب البوكمال وعلى الضفة اليمنى للفرات ويعود إلى الحقبة بين 3000ق.م وحتى العصر الهلنسني. لم يكن يدور بخلد مجموعة من المهاجرن الزاحفين من الرافدين أو من سكان المنطقة الأصليين أنهم سيبنون على ضفاف الفرات في المنطقة التي تسمى اليوم تل الحريري والتي تقع على بعد عشر كيلومترات غربي البوكمال، حضارة واسعة نسبت منذ الألف الثالث قبل الميلاد إلى مدينة اسمها ماري.(11) ولقد كان من حسن الحظ أن يعاد اكتشاف هذه المدينة صدفة في عام 1933، عندما كان أحد الفلاحين البدو يسعى للبحث عن قطعة من الحجر يجعلها شاهدة قبر أحد ذويه، فإذا به يعثر على تمثال منحوت مفقود الرأس فيعتقد للوهلة الأولى أنه أمام شيطان، فلم يلبث أن انتقل خبر هذا الكشف إلى المسؤولين في البوكمال الذين اتصلوا بسلطة الانتداب التي تعلم بدورها باريس، ويكون من نصيب أحد محافظي متحف اللوفر الشباب وهو أندره بارو أن يوفد للاطلاع على هذا التمثال، فيرى منه مفتاح تلك المدينة العظيمة التي سبق أن ذكر اسمها في كثير من الكتابات المكتشفة هنا وهناك. ويقوم بأسبار تؤكد له أن تل الحريري ما هو إلا مدينة ماري ذاتها. وتستمر الحفريات المنتظمة حتى اليوم في هذا الموقع الهام الذي يكشف عن سويات وطبقات لمنشآت مختلفة، الشوارع فيها فوق الشوارع والقصور فوق القصور والمعابد فيها فوق المعابد، إنها مجموعة من الحضارات المتوضعة فوق بعضها،
أولها حضارة ترجع إلى عام 3000ق.م، تمتم الكشف عن مظاهرها في ذروتها وفي حضيضها، ذلك أن الحرب التي أتت على هذه المدينة كانت قد خلفت آثار الحرائق والخرائب والنهب، ومع ذلك فإن الحفريات كشفت عن آثار من تماثيل وتحف تعبر عن ثروات هذه المدينة التي تبهر الأثريين، بل جميع من يزور متاحف القطر مطلعاً على بعض هذه اللقى الخارقة، التي ترجع إلى بداية مدنيات الإنسان على هذه الأرض، والتي تدفع الغرب على لسان بارو نفسه لكي يقول: "لقد صدق القول القديم الذي يؤكد أن الشرق قد جاء إلى الغرب أو أنه أتى بالنور إلى الغرب. وأنه لكل إنسان وطنان، وطنه الأصلي وسورية." (11) ولقد أغنت آلاف الألواح الطينية معرفتنا عن التاريخ القديم، وأبانت أن بلاد الرافدين كانت كمصر أقدم موطن للحضارة، وكانت ماري قد احتلت مكان الصدارة في تاريخ بلاد الرافدين. ويمكننا أن نقسم تاريخ ماري إلى حقبتين أساسيتين، الأولى تبدأ من الألف الثالث ق.م وحتى الحقبة الواقعة قبل العصر الصارغوني، والحقبة الثانية تنتهي عام 1750ق.م، عصر حمورابي. ولقد كان المنقبون في كل مرة يعتقدون فيها أنهم أدركوا الأرض العذراء التي تنتهي عندها الطبقات القديمة، كانوا يفاجأون بسوية جديدة تكشف عن حقبة كاملة. ففي عام 1935 اكتشف قصر يرجع إلى الألف الثاني، وفي عام 1964 اكتشف تحته قصر يرجع إلى العصر قبل الصارغوني أي من 2700-2350ق.م، ثم تكتشف سوية ترجع إلى عصر نينوى الخامس أي إلى الألف الرابع. وفي العصر قبل الصارغوني عثر على معبد شماش ومعبد دجن ومعبد عشتار ومعبد نيني زازا.أما في الحقبة الثانية فلقد عثر على القصر الكبير الذي تهدم شر تهديم بعد حرب طاحنة شنها حمورابي عام 1750ق.م على هذه المدينة وهذا القصر، وقضى على خصمه العنيد آنذاك زيميري ليم ملك ماري. ولم تعد المدينة إلى أهميتها ومجدها الذي وصلت إليه على يد هذا الملك، فمن القصر الكبير هذا، كان زيميري ليم يسيطر على جزء كبير من الشرق الأوسط، وبين يديه كان مصير كثير من الشعوب، إلى أن احتلها البابليون.ثم أعيد لماري بعض أهميتها عندما استعملت من قبل الآشوريين كمركز لحماية الطريق التجاري الممتد من الشمس المشرقة أي الخليج العربي، وإلى الشمس الغاربة أي البحر المتوسط، وبعد ذلك أخذت ماري تسقط شيئاً فشيئاً في هاوية العدم.
ولقد عثر أثناء التنقيب على عدد يزيد عن خمسة و عشرين ألف رقيم مكتوب بالمسمارية وباللغة الأكادية، كما عثر على تماثيل مختلفة من الطين والحجر، منها تمثال رائع بجماله لمغنية المعبد أورنينا، الذي عثر عليه في معبد ني ني زازا وتمثال لامغي ماري ملك ماري، وتمثال العرافة وتمثال عشتار وحامل العجل والطحان إيدي ناروم، وإيكوشاماغان، التي عثر عليها في معبد عشتار. ومن أهم مكتشفات قصر زيميري ليم والتي تعود إلى الألف الثاني تمثال ربة الينبوع وتمثال ايشتوب ايلوم الكبيرين. ثم تمثال ايدي ايلوم مقطوع الرأس. كما عثر في فناء القصر على بقايا لوح جداري مزين وملون يمثل مشهد احتفال التقليد وهو يمثل في بعض أقسامه الملك زيميري ليم بوقفته الدينية أمام الآلهة عشتارات آلهة الحرب وهي بكامل لباسها منتصبة فوق رمزها الأسد، وفي أقسام أخرى نرى آلهتا الينبوع وأشجار نخيل. وثمة لوح آخر يمثل مشهد التقدمة وهو مؤلف من خمسة صفوف من الصور لم يبق منها إلا جزء تبدو فيه الآلهة عشتارات وبعض الجنود، والملك يقوم بالتقدمة.وكان القصر يتألف من أكثر من 300 غرفة وممر وباحة ويمتد على مساحة 2,5 هكتار وقد بني على مراحل متتالية، وطرأ عليه كثير من التغيرات البنائية والوظيفية في الأقسام المختلفة، ويعد أقدم قسم فيه الجناح الشرقي، الذي يعود إلى عصر السلالات الملكية الأولى. أما مجموعة الأبنية الغربية فمن المحتمل أن تكون قد بنيت في زمن السيطرة الآشورية. وفي تلك الأيام تم في زمن ملك ماري زيمير يليم تم تحسينه وتزيينه تزييناً سخياً غنياً. وفي شرقي الباحة المركزية الكبيرة نجد عدداً كبيراً من الغرف، كان يتم فيها تسجيل البضائع القادمة قبل توزيعها اللاحق ، ونصل عبر ممر بجانب غرفة المحفوظات الوثائقية الأرشيف إلى باحة القصر الغربية التي كانت مزينة برسوم حائطية كبيرة، وتقع على طرفه الجنوبي غرفة عرضانية توجد فيها المنصة أو المصطبة.
وقد وضع مدخل الباحة وباب الغرفة والمصطبة على محور واحد مستقيم، بحيث يضطر من يريد مقابلة الملك الجالس على عرشه أن يتجه نحوه عبر الباحة على خط مستقيم طوله 45متراً، ويؤدي بابان إلى القاعة الطولانية الواقعة خلف قاعة العرش، والتي ألحقت بها حجيرة صغيرة، ومقابل الحجيرة تمتد منصة أو مصطبة عرش أخرى. وتناط بهذه القاعة التي تبدو قاعة مقدسة مهمة ذات طابع ديني ومراسيم تنصيب الملك على العرش. وثمة رسوم جدارية على يمين قاعة العرش يعتقد بأنها ترمز إلى هذه المهمة الدينية.
وتحتل نصف مساحة القسم الجنوبي من القصر المخازن التي تشبه في ترتيبها السوق، ويوصل إليها دهليز طويل ضيق، كانت البضائع تنقل عبره من الباحة الشرقية، ويجاورها قسم الخدمات المنزلية، وبجانبة غرف سكن وقاعة أخرى أصغر، فيها عرش، ونجد أيضاً مجموعة غرف اعتبرها المنقب، لاكتشافه رقماً مسمارية قريبة منها ومقاعد ثابتة فيها، مدرسة القصر. إلا أن التفسيرات الحديثة ترى فيها خزانة أو بيت مال القصر. ويعتقد أن جناح النساء كان في الطابق العلوي من غرف السكن الملكية الفخمة والفاخرة التجهيز، وقد بنيت بينها وبين المدخل الرئيسي غرف سكنية بحمامات كثيرة ربما كانت مخصصة للضيوف، ومن المرجح أن أقساماً كبيرة من القصر كانت مؤلفة من طابقين ويبدو واضحاً أن الملك كان يمارس التجارة. ويرجع الفضل الأول في ثراء مدينة ماري غير العادي إلى موقعها الهام الذي ساعدها في تجارتها البعيدة، بوصفها ملتقى طرق المواصلات الكبيرة التي تصل البحر المتوسط والأناضول وغربي سورية من جهة، وسورية الوسطى والجنوبية من جهة ثانية ببلاد الرافدين. وهكذا فإن القصر الملكي لم يكن قاصراً فحسب على فرض الضرائب على التجارة بل استطاع أيضاً ممارسة التجارة بنفسه. وقد كانت علاقاته تمتد من حاصور في فلسطين إلى كريت وقبرص وحاتوشة في الأناضول وإلى ديلمون على الخليج العربي البحرين .
الصالحية (دورااوروبوس):
يقع على الطريق المؤدية إلى البوكمال موقع أثري هام يعود إلى عصر السلوقيين أعقاب الاسكندر واسمه دورا وتعني مدينة وأوروبوس نسبة إلى الأميرة أوربا التي حملت هذا الاسم وهي اوربا بنت اجينور ملك صور.
ولقد اطلق هذه التسمية القائد سليقوس نيكاتور على المدينة بعد إنشائها، وكانت مدينة عسكرية محصنة، وفي العصر الروماني وبخاصة عصر الأسرة السورية كانت خط الدفاع الأول وأصيبت عام 160م بزلزال قضى عليها.
تميز سورها الغربي بالفخامة وهو مدعم بعدد من الأبراج، ويطلق على الباب الكبير فيه اسم باب تدمر. مساحتها 73هكتاراً شوارعها متقاطعة، عثر فيها على آثار منشآت تعود إلى ديانات مختلفة وثنية ومسيحية، بل منها ما يشبه المعبد الكنيس ولكنه غريب عن أمثاله، نظراً لوجود رسوم جدارية تملأ جدرانه.نقل بالكامل وأعيد بنائه في متحف دمشق الوطني وهو هدف الزيارة الأخير في هذه الجولة
أما المدافن البرجية فهي خارج الأسوار وعثر في المدينة على كنائس ومعابد منها معبد أوزريس وقصر الحاكم. وفي جامعة ييل في الولايات المتحدة جناح خاص بهذه المدينة وفي متحف دمشق جناح مستقل للمعبد.