عبدالله الفاضل قبل ان ادخل في تفاصيل هذه الشخصية اشير إلى صعوبة الحصول على المعلومات و التي دامت ايام للبحث عن المعلومة التي تهم القارئ و المتابع و مع ان النجاح الذي لاقى شخصياتنا التي كتبنا عنها كان ايجابياً لذلك كان التركيز على البحث عن شخصيات اخرى لها وزنها و الصعوبة التي ذكرتها في البداية هي في تحديد شخصية هذا الشاعر وحتى ولادته ووفاته كانت مفقودة في المراجع بسبب الاختلاف على تحديد شخصيته لكن الاوراق المحفوظة كانت كفيلة بجعل هذا الشاعر فراتياً و مع قلة وشح المواد التي تناولت شخصية هذا الشاعر الا اننا استطعنا الوصول الى سرد عن حياته من صحيفة الفرات التي كانت تصدر عام 1985 و تحديداً في اعدادها رقم 96-07 و تحمل تاريخ28/1/1985ليكون عرض الشخصية دقيق و موثق بقرائن حملت توقيع المرحوم أحمد شوحان الذي بحث في مؤلفاته عن هذه الشخصيات . و يمكن تحديد مولد هذا الشاعر و حسب المراجع الى عام 5891 و هو شخصية عربية ورثت المجد و الكرام و العز اباً عن جد و مكان مولده في منطقة العلا الواقعة بين تدمر من الشرق و حمص و حماة من الغرب و الشمال و هذه المنطقة هي مكان وجود « الحسنة » في ذلك الوقت و كان والد فاضل يجمع صفات الكمال التي يمتاز بها البدوي ، لكن صيته لم يذع خارج العلا كثيراً كما اذاعه والده عبدالله و تناقله الناس و الشعراء فيما بعد . و كان لعبدالله اخ يدعى مهنا و بعد وفاة مهنا آلت اليه الامارة و الى جانب فروسيته و مقدرته على نظم الشعر باللهجة البدوية فقد كان يتحلى بالصفات التي يعشقها البدوي و يهواها و كان كريماً و مضيافاً و بشوشاً و سمحاً ، عاش الناس في ايامه عيشة رخاء و عز و لا يستطيع احد المجاورين من القبائل ان ينال منهم شيئاً و كان يلقب براعي البويضة نسبة الى فرسه المشهور و يكنى « ابو نجم نسبة الى ولده الذي مات صغيراً . كان في عنفوان شبابه حيث حط مرض الجدري رحاله في ربوع البلد و انتشر بين الحسنة انتشاراً مريعاً بحيث لا يكاد يخلو بيت من مصاب او طعين او طريح فراش ، لقد مات من مات ،و تشوه من تشوه ، و عمي من عمي ، و نجا من كتبت له الحياة و احكم القدر قبضته على خناق عبدالله فلم حيث اصابته بثور فانتشر في وجهه و جسمه ، و كان للبدو عادة قديماً بهجر المكان الموبوء و ترك الاشخاص المصابين في نفس المكان حتى ولو كان سيد القوم وفعلاً هجر القوم المكان تاركيين عبدالله في خيمته و تركه معه كلبه الشرس يدعى «شير» ليحميه من الوحوش وفعلاً حمى الكلب صاحبه من كل خطر ونظر اليه عبدالله خاطبه
هلك شالو علامك حول ياشير و خلو لك عظام الجزر يا شير
يلو تبجي بكل الدمع يا شير هلك شالوا على حمص و حماة
بقي عبدالله في خيمته اياماً حتى مرت بها جماعة معهم سيدة رأت حالته فطلبت من جماعتها البقاء لمداوة هذا الرجل باعتباره تملك الخبرة بالطب و بقيت هذه العجوز معه اياماً و هي تعمل على خدمة وراحة باله و كانت في كل مرة تسأله عن شيء يأبى اجابتها حتى لا يشوه سمعة عشيرته حتى شفي تماماً و شكر العجوز و اعطاها الخيمة وما فيها و انطلق لوحده صوب نهر الفرات حيث عبره من احد المعابر الكثيرة قرب الرقة ثم تابع سيره الى الجزيرة العليا و اثناء ذلك كان عبدالله متأثراً من عشيرته لذلك لم يسأل عنهم و في هذه الاثناء كانت شهرة رجل ذائعة الصيت بكرمه و سخائه يدعى تمر باش ذلك الرجل الكريم هو جد ابراهيم باشا الكردري الاصل تيمور باشا هو تمرباش زعيم عشيرة العبرة المعروفة بعشيرة الملي و عمل عبد الله ساقي قهوة و كان كثيراً ما يتعرض لمواقف لكنه ينساها حتى تعرض لموقف من تمرباش و تفجرت ينابيع شاعرية واخذ الربابة المعلقة ليلاً و اثناء نوم الجميع لينشد هذه الابيات
هلي مالهم بدار الجار شيا وهم اللي لعظم الضد جارشينا
يفاضل على الجارات ما جرت شينا و لاودوا صحاب على خباب
هلي عز النزيل وعز منزال ودوم الهم على الدربين منزال
عشوب الناس تنبت و هي من زل خضر ما يبسوا بارح هوا
هلي عز النزيل و عز من كال ثكال الروز ما هم حجر منكال
انجاد الناس هظل من كال هلي نيسان طم العاليات
هلي اهل المحمس و البريجي و كهوة غيرهم حنظل بربجي
هلي مثل الزواعج و البريجي ارتمت منها الزلازل كالطواب
هلي يهل المراتب و الدواوين و على كلوب العدا بنو دواوين
اسيل الدار وين اهل الدواوين عذوا يا حسرتي حدر التراب
و كان عبدالله ينشد بصوت منخفض لكن تمرباش كان يسمعه و اعتبرها اهانة له و امر باثقاله بالسلاسل حتى يعرف هذا الرجل و ما يخفيه و ارسل رجالاً للسؤال عنه و لم يعرف انه عاش او مات في المكان الذي ترك به من قبل عشيرته ارسل الى عبدالله رسالة عن الامر و اجابه عبدالله بالحقيقة و اعتذر منه تمرباش ثم طلب منه ان يزوجه ابنته فأبى ، وقدم له المال الوفير لانه لا يريد ان يذل نفسه . و هنا ينقسم حديث عودته لاهله الى روايتين نذكرها دون الخوض في تفاصيلها الاولى : فتح له تمر باش محلاً تجارياً الثانية : اعاده الى اهله معززاً مكرماً مع حرس يحمونه و نكتفي بهذا القدر من استعراض حياة هذه الشخصية ونشير الى ان الابيات التي ذكرناها كاملة الى انها مازالت على لسان الفنانين الى هذا الوقت و هذا دليل ان هذه الشخصية فراتية